للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالحديث الذي رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث حذيفة بن اليمان: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له في آخر الحديث: «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ، حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ، وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ» (١).

وبما رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرُ مَالِ المُسْلِم غَنَمًا يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الجِبَالِ وَمَوَاقِعَ القَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الفِتَنِ» (٢).

وقال عمر: خذوا بحظكم من العزلة. وقال سعد بن أبي وقاص: لوددت أن بيني وبين الناس بابًا من حديد، لا يكلمني أحد ولا أكلمه، حتى ألقى الله سبحانه (٣) .. وغيرها من الأدلة.

واستدل أصحاب القول الثاني بقول الله تعالى: {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَاكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا} [الفرقان: ٧]. فقد كان عليه الصلاة والسلام يخالط الناس في أسواقهم، ويأمرهم، وينهاهم، ويأكل معهم، كما قال تعالى: {وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَاّ إِنَّهُمْ لَيَاكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا} [الفرقان: ٢٠].

روى الترمذي وابن ماجه في سننهما من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ، وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ، أَعظَمُ أَجرًا مِنَ المُؤمِنِ الَّذِي لَا يُخَالِطُهُمْ، وَلَا يَصْبِرُ عَلَى


(١) صحيح البخاري برقم (٧٠٨٤)، وصحيح مسلم برقم (١٨٤٧).
(٢) برقم (٧٠٨٨).
(٣) مختصر منهاج القاصدين (ص: ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>