للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأخيه: أصحبك إلى الحج، فقال: دعنا نعيش في ستر الله، فإنا نخاف أن يرى بعضنا من بعض ما نتماقت عليه. وهذه فائدة أخرى في العزلة، وهي بقاء الستر على الدين والمروءة، وسائر العورات.

الفائدة الخامسة: أن ينقطع طمع الناس عنك، وطمعك عنهم، أما طمعهم، فإن رضاهم غاية لا تدرك، فالمنقطع عنهم قاطع لطمعهم في حضور ولائمهم وإملاكاتهم. وأما انقطاع الطمع، فإن من نظر إلى زهرة الدنيا تحرك حرصه، وانبعث بقوة الحرص طمعه، ولا يرى إلا الخيبة في أكثر المطامع فيتأذى. قال تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: ١٣١]. وفي الحديث: «انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ» (١).

الفائدة السادسة: الخلاص من مشاهدة الثقلاء الحمقى، ومقاساة أخلاقهم، وإذا تأذى الإنسان بالثقلاء، لم يلبث أن يغتابهم، فإن آذوه بالقدح فيه كافأهم، فانجر الأمر إلى فساد الدين، وفي العزلة سلامة من ذلك.

أما فوائد المخالطة:

الفائدة الأولى: التعلم والتعليم، وهو من أعظم الأعمال والقربات، فإن حاجة الناس إلى العلم الشرعي، أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب. وفي الحديث: «إِنَّ اللَّه وَمَلائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرَضِين، حَتَّى النَّمْلَةُ فِي جُحْرِهَا، وَحَتَّى الْحُوتُ،


(١) صحيح البخاري رقم (٦٤٩٠)، وصحيح مسلم برقم (٢٩٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>