للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن أمته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قيل من هم يا رسول الله؟ قال: «الجماعة»، وفي رواية «ما أنا عليه وأصحابي» (١).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «وهذا التفريق الذي حصل من الأمة - علمائها ومشايخها وأمرائها وكبرائها - هو الذي أوجب تسلط الأعداء عليها، وذلك بتركهم العمل بطاعة الله ورسوله، كما قال تعالى: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [المائدة: ١٤].

فمتى ترك الناس بعض ما أمرهم الله به، وقعت بينهم العداوة والبغضاء، وإذا تفرق القوم فسدوا وهلكوا، وإذا اجتمعوا صلحوا وملكوا، فإن الجماعة رحمة والفرقة عذاب» (٢).

ومن أمثلة السلف الصالح التي تبين حرصهم على جمع الكلمة، ووحدة الصف، وتأليف القلوب، وعدم الفرقة والخلاف، وتقديم المصالح العامة على المصالح الخاصة، ما حصل من تنازل الحسن بن علي -رضي الله عنهما- عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما-، حيث سُمي ذلك عام الجماعة؛ لاجتماع كلمة


(١). سنن الترمذي ٢٦٤١، ومسند الإمام أحمد (١٤/ ١٤٢) برقم ٨٣٩٦، وسنن ابن ماجه برقم ٣٩٩٢، وصححه البوصيري والشيخ الألباني -رحمه الله- في السلسلة الصحيحة برقم ١٤٩٢.
(٢). الفتاوى (٣/ ٤٢١) بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>