للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان المشركون يلبون في حجهم ولكن تلبيتهم فيها شرك، يقولون: لبيك لا شريك لك، قال: فيقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «وَيْلَكُمْ! قَدْ قَدْ»، فَيَقُولُونَ: إِلَّا شَرِيكًا هُوَ لَكَ تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ، يَقُولُونَ هَذَا وَهُمْ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ (١).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «والتلبية هي إجابة دعوة الله تعالى لخلقه حين دعاهم إلى حج بيته على لسان خليله إبراهيم -عليه السلام-، والملبي هو المستسلم المنقاد لغيره كما ينقاد الذي لبب وأخذ بلبته، والمعنى: إنا مجيبوك لدعوتك مستسلمون لحكمتك، مطيعون لأمرك مرة بعد مرة، لا نزال على ذلك، والتلبية شعار الحج، فأفضل الحج العج والثج، فالعج رفع الصوت بالتلبية، والثج إراقة دماء الهدي، ولهذا يستحب رفع الصوت بها للرجل، بحيث لا يجهد نفسه، والمرأة ترفع صوتها بحيث تُسمع رفيقتها، ويستحب الإكثار منها عند اختلاف الأحوال مثل: أدبار الصلوات، ومثل ما إذا صعد نشزًا، أو هبط واديًا، أو سمع ملبيًا، أو أقبل الليل والنهار، أو التقت الرفاق، وكذلك إذا فعل ما نُهي عنه، وقد روي أنه من لبى حتى تغرب الشمس فقد أمسى مغفورًا له، وإن دعا عقيب التلبية، وصلى على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وسأل الله رضوانه والجنة، واستعاذ برحمته من سخطه والنار؛ فحسن (٢). أهـ


(١). صحيح مسلم برقم ١١٨٥.
(٢). الفتاوى (٢٦/ ١١٥ - ١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>