للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَدْرَكْتُ ثَلاثِيْنَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ، مَا مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ يَقُوْلُ: إِنَّهُ عَلَى إِيْمَانِ جِبْرِيْلَ وَمِيْكَائِيْلَ عليهما السلام.

ومبطلات الأعمال كثيرة، منها ما يبطل جميع الأعمال مثل الشرك والردة والنفاق الأكبر، ومنها ما يبطل العمل نفسه كالمن بالصدقة وغير ذلك، وسوف أقتصر على ذكر خمسة أمور وعسى أن يكون فيها تنبيه على ما سواها:

الأول: الشرك: فإنّه محبط لجميع الأعمال، قال تعالى لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ} [الزمر: ٦٥] وقال تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: ٢٣].

روى الترمذي في سننه من حديث أَبِيْ سَعْدِ بْنِ أَبِيْ فَضَالَةَ الأَنْصَارِيِّ وَكَانَ مِنَ الصَّحَابَةِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُوْلُ: «إِذَا جَمَعَ اللهُ النَّاسَ يَوْمَ القِيَامَةِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيْهِ، نَادَى مُنَادٍ: مَنْ كَانَ أَشْرَكَ فِي عَمَلٍ عَمِلَهُ لِلهِ أَحَدٌ فَليَطْلُبْ ثَوَابَهُ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ، فَإِنَّ اللهَ أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ «(١).

الثاني: الرياء وهو على قسمين:

الأول: أن يقصد بعمله غير وجه الله، فهذا شرك أكبر محبط لجميع الأعمال، ويسميه بعض أهل العلم: شرك النية والإِرادة والقصد، قال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآَخِرَةِ إِلَاّ


(١) سنن الترمذي برقم (٣١٥٤)، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي (٣/ ٧٤) برقم (٢٥٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>