للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود: ١٥ - ١٦].

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ أَهْلَ الرِّيَاءِ يُعْطَوْنَ بِحَسَنَاتِهِمْ فِيْ الدُّنْيَا، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَا يُظْلَمُوْنَ نَقِيرًا، يَقُوْلُ: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا التِمَاسَ الدُّنْيَا صَوْمًا، أَوْ صَلَاةً، أَوْ تَهَجُّدًا بِاللَّيْلِ، لَا يَعْمَلُهُ إِلَاّ التِمَاسَ الدُّنْيَا، يَقُوْلُ اللهُ تَعَالَى: أُوَفِّيهِ الَّذِيْ التَمَسَ فِيْ الدُّنْيَا مِنَ المَثَابَةِ وَحَبِطَ عَمَلُهُ الَّذِيْ كَانَ يَعْمَلُهُ لالتِمَاسِ الدُّنْيَا وَهُوَ فِيْ الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِيْنَ (١).

القسم الثاني: أن يعمل العمل يقصد به وجه الله ثم يطرأ عليه الرياء بعد الدخول فيه، فهذا شرك أصغر.

روى الإمام أحمد في مسنده من حديث مَحْمُوْدِ بْنِ لَبِيْدٍ - رضي الله عنه -: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الأَصْغَرُ» قَالُوْا: وَمَا الشِّرْكُ الأَصْغَرُ؟ قَالَ: «الرِّيَاءُ، يَقُوْلُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ إِذَا جُزِيَ النَّاسُ بِأَعْمَالِهِمْ: اذْهَبُوْا إِلَى الَّذِيْنَ كُنْتُمْ تُرَاؤُوْنَ فِيْ الدُّنْيَا، فَانْظُرُوْا هَل تَجِدُوْنَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً؟ ! » (٢).

وروى ابن خزيمة في صحيحه من حديث محمود بن لبيد قال: خرج النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: » أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَشِرْكَ السَّرَائِرِ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا شِرْكُ السَّرَائِرِ؟ قَالَ: يَقُومُ الرَّجُلُ فَيُصَلِّي فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ جَاهِدًا لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ النَّاسِ إِلَيْهِ، فَذَلِكَ شِرْكُ السَّرَائِرِ» (٣).

وقد يتهاون بعض الناس بهذا النوع بتسميته شركًا أصغر، وهو إنما سمي أصغر بالنسبة للشرك الأكبر، وإلا فهو أكبر من جميع الكبائر،


(١) تفسير ابن كثير (٧/ ٤٢٢).
(٢) مسند الإمام أحمد (٣٩/ ٣٩) برقم (٢٣٦٣٠) وقال محققوه: حديث حسن.
(٣) صحيح ابن خزيمة (٢/ ٦٧) برقم (٩٣٧)، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (١/ ١١٩) برقم (٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>