للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صار متناقضًا، كيف يشهد أنه رسول الله ولا يجتنب ما نهاه عنه، قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧]. وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» (١).

وهذا النهي درجات، فمنه ما جاء به الشرع على وجه الجزم، وهو النهي المحرم، ومنه ما هو على سبيل الكراهة ومنه ما هو على وجه الأولى تركه، ويمثل ذلك بالنهي عن أكل الثوم والبصل، ففي الحديث المخرج في الصحيحين من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ، وَالثُّومَ، وَالْكُرَّاثَ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ» (٢). فإذا أكله على سبيل التهرب من صلاة الجماعة فهو محرم، وإذا أكله قبل الصلاة بقليل فهو مكروه خشية أن يكون سببًا في التأخر عن صلاة الجماعة، وإذا أكله في أي وقت غير وقت الصلاة فإن الأولى تركه خشية أن يؤذي الآخرين برائحته، أو أن تبقى رائحته إلى وقت الصلاة.

الرابعة: ألا يُعبد الله إلا بما شرع: فالعبادات توقيفية لا يجوز الإتيان بأي عبادة لم يشرعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:


(١). صحيح البخاري برقم (٧٢٨٨)، وصحيح مسلم برقم (١٣٣٧).
(٢). صحيح البخاري برقم (٨٥٥)، وصحيح مسلم برقم (٥٦٤) واللفظ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>