للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الإجماع، فمن ذلك أن أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه- وكذلك الصحابة والأئمة من بعده وسائر الفقهاء جعلوا في الشروط المشروطة على أهل الذمة من النصارى وغيرهم فيما شرطوه على أنفسهم: أن نوقر المسلمين، ونقوم لهم من مجالسنا إن أرادوا الجلوس، ولا نتشبه بهم في شيء من ملابسهم، كسوة أو عمامة، أو نعلين (١) .. إلى آخر الشروط.

وروى الحافظ أبو الشيخ الأصفهاني في شروط أهل الذمة بإسناده: أن عمر -رضي الله عنه- كتب: أن لا تكاتبوا أهل الذمة، فيجري بينكم وبينهم المودة، ولا تُكْنوهم وأذلوهم ولا تظلموهم (٢).

ومن ذلك ما ورد عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أنه قال: «من بنى ببلاد الأعاجم، وصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك، حشر معهم يوم القيامة» (٣). وغير


(١). قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم (١/ ٣٦٣ - ٣٦٥): رواه حرب [وهو الكرماني [بإسناد جيد، وقال محققه د. ناصر العقل: أخرج البيهقي أكثره مع اختلاف في السياق بسنده في السنن الكبرى، كتاب الجزية باب الإمام يكتب كتاب الصلح على الجزية (٩/ ٢٠٢). وانظر أحكام أهل الذمة لابن القيم ص ٤٥٢ - ٤٥٣، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية أيضًا (١/ ٣٦٥): وهذه الشروط أشهر شيء في كتب الفقه والعلم، وهي مجمع عليها في الجملة بين العلماء من الأئمة المتبوعين وأصحابهم وسائر الأئمة.
(٢). نقلًا عن اقتضاء الصراط المستقيم (١/ ٣٦٧)، وانظر أحكام أهل الذمة لابن القيم -رحمه الله- ص ٤٥٢ - ٤٥٥.
(٣). سنن البيهقي الكبرى (٩/ ٢٣٤)، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: وروي بإسناد صحيح عن أبي أسامة حدثنا عون عن أبي المغيرة عن عبد الله ابن عمرو -رضي الله عنهما- قال: من بنى ببلاد الأعاجم وصنع نيروزهم ومهرجانهم، وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حُشر معهم يوم القيامة. اقتضاء الصراط المستقيم (١/ ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>