«والتشبه بالظاهر يقود إلى التشبه بالباطن؛ لأن المشابهة في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة، وموالاة في الباطن كما. أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر، وهذا أمر يشهد به الحس والتجربة، حتى إن الرجلين إذا كانا من بلد واحد، ثم اجتمعوا في دار غربة كان بينهما من المودة والائتلاف أمر عظيم، وإن كانا في مصرهما لم يكونا متعارفين، أو كانا متهاجرين، وذاك لأن الاشتراك في البلد نوع وصف اختصا به عن بلد الغربة، فإذا كانت المشابهة في أمور دنيوية تورث المحبة والموالاة لهم، فكيف بالمشابهة في أمور دينية؟ فإن اقتضاءها إلى نوع من الموالاة أكثر وأشد، والمحبة والموالاة لهم تنافي الإيمان، قال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}[المائدة: ٥١]»(١).
بل إن التشبه في الظاهر دليل على التشبه باطنًا، قال تعالى:{وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ}[البقرة: ١١٨].
والحال شاهد على ذلك، فمن تزيا بزي أهل العلم
(١). مختصر اقتضاء الصراط المستقيم لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-. تحقيق د. ناصر العقل ص ٢٢٠ - ٢٢١.