للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالى: {هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [الحج: ٧٨]» (١).

روى البخاري في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يُدْعَى نُوحٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: هَلْ بَلَّغْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيُقَالُ: لِأُمَّتِهِ هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ ، فَيَقُولُونَ: مَا أَتَانَا مِنْ نَذِيرٍ، فَيَقُولُ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ ، فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ، فَتَشْهَدُونَ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ {وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: ١٤٣]» (٢). فذلك قوله جل ذكره: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}. والوسط: العدل، وفي التنزيل: {قَالَ أَوْسَطُهُمْ} [القلم: ٢٨] أي: أعدلهم وخيرهم.

قال زهير:

هُمْ وَسَطٌ يَرضْىَ الأَناَمُ بِحُكْمِهِمْ ... إذا نَزلَتْ إِحْدى الليَّالي بِمُعْظَمِ

«ولما كان الوسط مجانبًا للغلو والتقصير، كان محمودًا، أي هذه الأمة لم تغل غلو النصارى في أنبيائهم، ولا قصَّروا تقصير اليهود في أنبيائهم» (٣).


(١). تفسير ابن كثير (٢/ ١١١ - ١١٢).
(٢). برقم (٤٤٨٧).
(٣). تفسير القرطبي (٢/ ٤٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>