للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال عبد الله بن الشخير -رضي الله عنه-: «خير الأمور أوساطها» (١).

وقال تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)} [الفاتحة]. هذا تعليم من ربنا -عز وجل- أن نسأله الهداية إلى الصراط المستقيم، وهو طريق الحق الذي لا اعوجاج فيه، وقد بينه بقوله: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: ٧]، وأولى الناس بهذا الوصف نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه -رضي الله عنهم-، فمن أراد سلوك طريق الاستقامة فليقرأ سيرة نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وصحابته الكرام، وليسلك طريقهم، وسيجد أنهم علموا وعملوا، وبذلك نجوا من أن يكونوا كالمغضوب عليهم الذين عرفوا الحق فلم يعملوا به، أو الضالين الذين يعبدون الله على جهل وضلال، فكانوا وسطًا عدولًا خيارًا.

وقد أوضح لنا سبحانه وتعالى أن الصراط المستقيم هو الوحي الذي نزله على قلب محمد - صلى الله عليه وسلم - فقال تعالى: {يس (١) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٢) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٣) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤) تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٥)} [يس]. وقد جاء في مواضع كثيرة من كتاب الله ما يبين أن الصراط المستقيم يقع بين طرفي نقيض، فقال تعالى مادحًا عباده: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (٦٧)} [الفرقان]، وقال تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (١١٠)} [الإسراء]، وقال تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (٢٩)} [الإسراء]. وسلوك هذا المنهج من أعظم العلامات على تعظيم أمر الله ونهيه.


(١). أخرجه ابن أبي شيبة (١٣/ ٤٧٩)، وابن سعد (٧/ ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>