للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأحقر الناس، وأقل الناس، فأعزكم الله بالإسلام، فمهما تطلبوا العز بغيره يذلكم الله (١).

المثال الرابع: ما حصل في سنة ٦٩٩ هـ، وذلك أن ملك التتر غازان قدم إلى دمشق فخرج إليه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -، واجتمع به وكلمه بغلظة، فكف الله يد غازان عنه، وذلك أنه قال لترجمان الملك غازان، قل له: أنت تزعم أنك مسلم ومعك قاض وإمام وشيخ ومؤذنون على ما بلغنا؛ فغزوتنا، وأبوك وجدك هولاكو كانا كافرين، وما عملا الذي عملت.

عاهدا فوفيا، وأنت عاهدت فغدرت، وقلت فما وفيت. وجرت له مع غازان وقطلوشاه وبولاي أمور قام فيها كلها لله، وقال الحق ولم يخش إلا الله. وحضر قضاة دمشق وأعيانها إلى مجلس غازان، فقدم إليهم غازان طعامًا فأكلوا إلا ابن تيمية - رحمه الله -، فقيل: ألا تأكل؟ فقال: كيف آكل من طعامكم وكله مما نهبتم من أغنام الناس، وطبختموه مما قطعتم من أشجار الناس، ثم إن غازان طلب منه الدعاء، فقال في دعائه: اللَّهم إن كنت تعلم أنه إنما قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، وجهادًا في سبيلك فأيده وانصره، وإن كان للملك والدنيا والتكاثر فافعل به واصنع ... يدعو عليه، وغازان يؤمن على دعائه، وقضاة دمشق قد خافوا القتل وجمعوا ثيابهم خوفًا أن يبطش به غازان فيصيبهم من دمه،


(١). تقدم تخريجه ص ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>