للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقائمين بدين الله، الذابين عن كتابه وسنة رسوله عندهم؟

فمن آثر رضى الله فلا بد أن يعاديه رذالة العالم، وسقطهم، وغرثاهم (١)، وجهالهم، وأهل البدع والفجور منهم، وأهل الرياسات الباطلة، وكل من يخالف هديُهُ هديَهُ، فما يقدم على معاداة هؤلاء إلا طالب الرجوع إلى الله، عامل على سماع خطاب {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (٢٨)} [الفجر:٢٧ - ٢٨].

ومن إسلامه صلب كامل لا تزعزعه الرجال، ولا تقلقله الجبال، ومن عقد عزيمة صبره محكم لا تحله المحن والشدائد والمخاوف. وملاك ذلك أمران: الزهد في الحياة والثناء، فما ضعف من ضعف، وتأخر من تأخر إلا بحبه للحياة والبقاء، وثناء الناس عليه، ونفرته من ذمهم له، فإذا زهد في هذين الشيئين، تأخرت عنه العوارض كلها، وانغمس حينئذ في العساكر، وملاك هذين الشيئين بشيئين: صحة اليقين، وقوة المحبة، وملاك هذين بشيئين أيضًا: بصدق اللجأ والطلب، والتصدي للأسباب الموصلة إليهما، فإلى هاهنا تنتهي معرفة الخلق وقدرتهم، والتوفيق بعد بيد من أزمة الأمور كلها بيده» (٢).

والفرق بين الإيثار، والسخاء، والجود: أن السخاء أعلى


(١). هم الجائعون.
(٢). مدارج السالكين لابن قيَّم الجوزية (٢/ ٢٢٠ - ٢٢٤) بتصرف واختصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>