للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلَامِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللهِ فِيْهِ، فَوَاللهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُوْنَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ» (١).

فلما وصل علي خرج له ملكهم مرحب وهو يخطر بسيفه ويقول:

قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ ... شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ

إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ

فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ:

أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ ... كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهَةِ الْمَنْظَرَهْ

أَكِيلُكُم بِالسَّيفِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ

فاختلف علي ومرحب ضربتين، فأما ضربة علي فكانت القاضية وفتح الله عليه.

ومع شجاعته العظيمة فقد كان من علماء الصحابة، ومن دهاة العرب، فقد جيء بامرأة إلى عمر وقد ولدت غلامًا لستة أشهر فأمر برجمها.

فقال له علي: يا أمير المؤمنين ألم تسمع إلى قول الله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: ١٥]؟ فالحمل ستة أشهر والفصال وهو الفطام في عامين.

فترك عمر رجم المرأة وكان يقول: قضية ولا أبا الحسن لها.

وكان - رضي الله عنه - شديد الورع فقد روى ابن عساكر في تاريخ دمشق من حديث أبي عمرو بن العلاء عن أبيه قال: خطب علي فقال: أيها الناس والله الذي لا إله إلا هو ما رزأت (٢) من مالكم قليلاً ولا كثيرًا إلا هذه، وأخرج قارورة من كم قميصه فيها طيب فقال: أهداها إلي الدهقان (٣)،


(١) صحيح مسلم برقم (٢٤٠٦).
(٢) أي: ما أخذت.
(٣) (٤٢/ ٤٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>