للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرجاء السموات أو الأرض فإن الله يأتي بها؛ لأنه لا تخفى عليه خافية، ولا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض {إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} أي لطيف العلم، فلا تخفى عليه الأشياء وإن دقت ولطفت وتضاءلت {خَبِيرٌ} بدبيب النمل في الليل البهيم، والمقصود من هذا الحث على مراقبة الله، والعمل بطاعته مهما أمكن، والترهيب من عمل القبيح قل أو كثر.

ثم قال: {يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ} أي بحدودها وفروضها وأوقاتها، وخصها لأنها أكبر العبادات البدنية، {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ} أي بحسب طاقتك وجهدك، {وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ} علم أن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر لا بد أن يناله من الناس أذى، فأمره بالصبر وذلك يستلزم كونه فاعلًا لما يأمر به، كافًّا لما ينهى عنه، فتضمن هذا تكميل نفسه بفعل الخير، وترك الشر، وتكميل غيره بذلك بأمره ونهيه.

وقوله: {إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} أي أن الصبر على أذى الناس لمن عزم الأمور، أي من الأمور التي يعزم عليها ويهتم بها، ولا يُوفق لها إلا أهل العزائم.

قوله تعالى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ} يقول: لا تعرض بوجهك عن الناس إذا كلمتهم أو كلموك، احتقارًا منك لهم، واستكبارًا عليهم، ولكن أَلِنْ جانبك، وابسط وجهك إليهم كما

<<  <  ج: ص:  >  >>