للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسُئل فضيلته - رحمه الله -: هل يجوز إطلاق (شهيد) على شخص بعينه، فيقال: الشهيد فلان؟

فأجاب بقوله: لا يجوز لنا أن نشهد لشخص بعينه أنه شهيد حتى لو قُتل مظلومًا، أو قُتل وهو يدافع عن الحق، فإنه لا يجوز أن نقول: فلان شهيد، وهذا خلاف لما عليه الناس اليوم، حيث رخصوا هذه الشهادة وجعلوا كل من قتل حتى ولو كان مقتولًا في عصبية جاهلية يسمونه شهيدًا، وهذا حرام، لأن قولك عن شخص قتل هو شهيد يعتبر شهادة سوف تسأل عنها يوم القيامة، سوف يقال لك: هل عندك علم أنه قُتل شهيدًا؟ ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: « ... لَا يُكْلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ، إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ، اللَّوْنُ لَوْنُ دَمٍ، وَالرِّيحُ رِيحُ مِسْكٍ» (١). فتأمل قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ».

يكلم: يعني يجرح، فإن بعض الناس قد يكون ظاهره أنه يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، ولكن الله يعلم ما في قلبه، وأنه خلاف ما يظهر من فعله، ولهذا بوب البخاري - رحمه الله - على هذه المسألة في صحيحه فقال: «باب لا يقال: فلان شهيد»، لأن مدار الشهادة على القلب، ولا يعلم ما في القلب إلا الله - عز وجل -، فأمر النية أمر عظيم،


(١). صحيح مسلم برقم ١٨٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>