ابن شهاب أن عروة بن الزبير حدثه: أن رجلًا من الأنصار خاصم الزبير في شراج من الحرة، لِيَسْقِيَ بِهِ النَّخْلَ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اسْقِ يَا زُبَيْرُ - فَأَمَرَهُ بِالْمَعْرُوفِ - ثُمَّ أَرْسِلْهُ إِلَى جَارِكَ»، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؟، فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ قَالَ:«اسْقِ، ثُمَّ احْبِسْ، حَتَّى يَرْجِعَ المَاءُ إِلَى الجَدْرِ»، وَاسْتَوْعَى لَهُ حَقَّهُ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: وَاللَّهِ إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ أُنْزِلَتْ فِي ذَلِكَ: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}(١).
قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في تعليقه على قوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)} [النساء: ٦٥]: «فلا تستغرب إذا قلنا: إن من استبدل شريعة الله بغيرها من القوانين، فإنه يكفر ولو صام وصلى؛ لأن الكفر ببعض الكتاب كفرٌ بالكتاب كله، فالشرع لا يتبعض، إما أن تؤمن به جميعًا، وإما أن تكفر به جميعًا، وإذا آمنت ببعض وكفرت ببعض، فأنت كافرٌ بالجميع؛ لأن حالك تقول: إنك لا تؤمن إلا بما لا يخالف هواك. وأما ما خالف هواك فلا تؤمن به، هذا هو الكفر، فأنت بذلك اتبعت الهوى، واتخذت هواك إلهًا من دون الله.