فالحاصل أن المسألة خطيرة جدًّا، من أخطر ما يكون بالنسبة لحكام المسلمين اليوم، فإنهم قد وضعوا قوانين تخالف الشريعة وهم يعرفون الشريعة، ولكن وضعوها - والعياذ بالله - تبعًا لأعداء الله من الكفرة الذين سنوا هذه القوانين ومشى الناس عليها، والعجب أنه لقصور علم هؤلاء وضعف دينهم، أنهم يعلمون أن واضع القانون هو فلان بن فلان من الكفار، في عصرٍ قد اختلفت العصور عنه من مئات السنين، ثم هو في مكان يختلف عن مكان الأمة الإسلامية، ثم هو في شعب يختلف عن شعوب الأمة الإسلامية، ومع ذلك يفرضون هذه القوانين على الأمة الإسلامية، ولا يرجعون إلى كتاب الله ولا إلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأين الإسلام؟ وأين الإيمان؟ وأين التصديق برسالة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأنه رسول إلى الناس كافة؟ وأين التصديق بعموم رسالته، وأنها عامة في كل شيء؟
كثيرٌ من الجهلة يظنون أن الشريعة خاصة بالعبادة التي بينك وبين الله - عز وجل - فقط، أو في الأحوال الشخصية من نكاح وميراث وشبهه، ولكنهم أخطئوا في هذا الظن، فالشريعة عامة في كل شيء، وإذا شئت أن يتبين لك هذا؛ فاسأل ما هي أطول آية في كتاب الله؟ سيُقال لك: إن أطول آية هي آية الدَّين: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ ... }[البقرة: ٢٨٢]، كلها في المعاملات، فكيف نقول إن الشرع الإسلامي خاص بالعبادة، أو بالأحوال الشخصية، هذا جهل، وضلال، إن كان عن عمد