للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القدح في نعمة الله، فإن رحمة الله وحكمته اقتضت أن يكون الرسل من البشر؛ ليتمكن العباد من الأخذ عنهم، وتتيسر عليهم هذه النعمة، ويسهِّل الله لهم طرقها، فهؤلاء المكذبون كفروا بأصل النعمة، وبالطريق المستقيم النافع الذي جاءتهم به.

وكذلك قولهم: {وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا} من المعلوم لكل أحد عاقل أن الحق يعرف أنه حق بنفسه لا بمن تبعه، وأن هذا القول الذي قالوه صدر عن كبر وتيه، والكبر أكبر مانع للعبد من معرفة الحق ومن اتباعه.

وأيضًا قولهم: {أَرَاذِلُنَا} إن أرادوا الفقر فالفقر ليس من العيوب، وإن أرادوا أراذلنا في الأخلاق فهذا كذب معلوم بالبديهة، وإنما الأراذل الذين قالوا هذه المقالة، فهل الإيمان بالله ورسله، وطاعة الله ورسله، والانقياد للحق، والسلامة من كل خصلة ذميمة، هل هذا الوصف رذيلة وأهله أراذل؟ أم الرذيلة بضده .. من ترك أفرض الفروض توحيد الله وشكره وحده وامتلاء القلب من التكبر على الحق وعلى الخلق؟ هذا والله أرذل الرذائل، ولكن القوم مباهتون فما نقموا من هؤلاء الأخيار إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد.

وقولهم: {بَادِيَ الرَّأْيِ} أي: مبادرة منهم إلى الإيمان بك يا نوح، لم يشاوروا ولم يتأنوا ويترووا لو فرض أن هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>