للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ}» (١).

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ» (٢).

وقد ذكر الله قصة ولادتها لعيسى - عليه السلام - في سورة مريم، فأخبرسبحانه أنها انتبذت من أهلها مكانًا شرقيًّا، متجردة لعبادة ربها.

«قال تعالى: {فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا} [مريم:١٧]، لئلا يشغلها أحد عما هي بصدده؛ فأرسل الله لها الروح الأمين جبريل في صورة بشر سوي من أكمل الرجال وأجملهم، فظنت أنه يريدها بسوء، فقالت: {إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (١٨)} [مريم:١٨]. فتوسلت بالله في حفظها وحمايتها، وذكرته وجوب التقوى على كل مسلم يخشى الله، فكان هذا الورع العظيم منها في هذه الحالة التي يخشى منها الوقوع في الفتنة، ورفع الله بذلك مقامها، ونعتها بالعفة الكاملة، وأنها أحصنت فرجها، فقال لها جبريل: {إِنَّمَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (١٩) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (٢٠) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً


(١) البداية والنهاية لابن كثير - رحمه الله - (٢/ ٤٢٣ - ٤٢٤).
(٢) صحيح البخاري برقم ٣٤٣٢، وصحيح مسلم برقم ٢٤٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>