للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنَّا} به وبك وبالناس {وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا} فلا تعجبي مما قدره وقضاه {فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ} أي: ابتعدت به عن الناس {مَكَانًا قَصِيًّا} خشية الاتهام والأذية منهم {فَأَجَاءَهَا} أي: ألجأها {الْمَخَاضُ} أي: الطلق {إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا} [مريم:١٩ - ٢٣]. لما تعرفه مما هي متعرضة له من الناس، وأنهم لا يصدقونها، ولم تدري ما الله صانع لها.

قوله تعالى: {فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا} أي: الملك، وكانت في مكان مرتفع.

{أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (٢٤)} أي: نهرًا جاريًا {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} من دون أن تحوجك إلى صعود {تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا} أي: طريًا ناضجًا {فَكُلِي} من الرطب {وَاشْرَبِي} من السَّري {وَقَرِّي عَيْنًا} بولادة عيسى، وليذهب روعك وخوفك {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} أي: سكوتًا، وكان معهودًا عندهم أنهم يتعبدون بالصمت في جميع النهار، ولهذا فسره بقوله: {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} [مريم:٢٤ - ٢٦]. فاطمأن قلبها، وزال عنها ما كانت تجد.

ثم لما تعالت من نفاسها، وأصلحت من شأنها، وقويت بعد الولادة {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ} علنًا غير هائبة ولا مبالية، فلما رآه قومها، وقد علموا أنه لا زوج لها، جزموا أنه من وجه

<<  <  ج: ص:  >  >>