عظيم الخصب، كثير البركات، يزيل الجدب العظيم الحاصل من السنين المجدبة التي لا يزيلها عام خصب عادي، بل لابد فيه من خصب خلاف العادة، وهذا واضح وهو من مفهوم العدد.
ومنها: ما فيها من الأدلة والبراهين على نبوة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ حيث قص عليه هذه القصة المفصلة المبسوطة الموافقة للواقع التي أتت بالمقصود كله، وهو لم يقرأ كتب الأولين، ولا دارس أحدًا كما هو معلوم لقومه، وهو بنفسه أُمي لا يقرأ ولا يكتب، ولهذا قال: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (١٠٢)} [يوسف: ١٠٢].
ومنها: أنه ينبغي للعبد البعد عن أسباب الشر، وكتمان ما تخشى مضرته، لقول يعقوب ليوسف:{لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا}[يوسف:٥].
ومنها: ذكر الإنسان بما يكره على وجه الصدق والنصيحة له أو لغيره، لقوله:{فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا}.
ومنها: أن نعمة الله على العبد نعمة على من يتعلق به، ويتصل من أهل بيته وأقاربه وأصحابه، فإنه لابد أن يصلهم ويشملهم منها جانب، لقوله:{وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ}[يوسف:٦]. أي: بما يحصل لك؛ ولهذا لما تمت النعمة على يوسف حصل لآل يعقوب من العز والتمكين والسرور، وزوال المكروه، وحصول المحبوب ما ذكر الله في آخر القصة.