للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: أن النعم الكبيرة الدينية والدنيوية لابد أن يتقدمها أسباب ووسائل إليها؛ لأن الله حكيم، وله سنن لا تتغير، قضى بأن المطالب العالية لا تُنال إلا بالأسباب النافعة، خصوصًا العلوم النافعة، وما يتفرع عنها من الأخلاق والأعمال؛ فلهذا عرف يعقوب أن وصول يوسف إلى تلك الحالة التي يخضع له فيها أبوه وأمه وإخوته مقام عظيم، ومرتبة عالية، وأنه لابد أن ييسر الله ليوسف من الوسائل ما يوصله إليها، ولهذا قال: {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ} [يوسف:٦].

ومنها: أن العدل مطلوب في جميع الأمور الصغار والكبار؛ في معاملة السلطان لرعيته، ومعاملة الوالدين للأولاد، والقيام بحقوق الزوجات، وغير ذلك من المحبة والإيثار ونحوها، وأن القيام بالعدل في ذلك تستقيم الأمور صغارها وكبارها به، ويحصل للعبد ما أحب، وفي الإخلال بذلك تفسد الأحوال، ويحصل للعبد المكروه من حيث لا يشعر؛ لهذا لما قدم يعقوب - عليه السلام - يوسف في المحبة، وجعل وجهه له جرى منهم على أبيهم وأخيهم من المكروه ما جرى.

ومنها: الحذر من شؤوم الذنوب، فكم من ذنب واحد استتبع ذنوبًا كثيرة، وتسلسل الشر المؤسس على الذنب الأول، وانظر إلى جُرم إخوة يوسف، فإنهم لما أرادوا التفريق

<<  <  ج: ص:  >  >>