للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد فرح بأعظم مفروح به، ومن فرح بغيره فقد ظلم نفسه، ووضع الفرح في غير موضعه، فإذا استقر في القلب، وتمكن فيه العلم بكفايته لعبده، ورحمته له، وحلمه عنده، وبره به، وإحسانه إليه على الدوام، أوجب له الفرح والسرور أعظم من فرح كل محب بكل محبوب سواه، فلا يزال مترقيًا في درجات العلو والارتفاع بحسب رقيه في هذه المعارف» (١).

والمؤمن يفرح عند أداء الطاعة، وتوفيق الله له لأدائها، وروى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَاّ الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ (٢)،

فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلَا يَرْفُثْ (٣) يَوْمَئِذٍ وَلَا يَسْخَبْ (٤)، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ، إِنِّي صَائِمٌ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ (٥) فَمِ الصَّائِمِ، أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، وَللصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ» (٦).


(١) الفتاوى (١٦/ ٤٩ - ٥٠).
(٢) أي: سترة ووقاية ومانع من الآثام.
(٣) الرفث: السخف وفحش الكلام.
(٤) الصخب: الصياح.
(٥) الخلوف: تغير رائحة الفم.
(٦) صحيح البخاري برقم ١٩٠٤، وصحيح مسلم برقم ١١٥١ واللفظ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>