بإخلاص الطاعة، وبذل النُّصرة، وصدق الولاء؛ فإن إخلاص الطاعة أجمع للشمل، وبذل النصرة أدفع للوهن، وصدق الولاء أنفى لسوء الظن، وهذه أمور إن لم تجتمع في المرء تسلط عليه من كان يدفع عنه واضطر إلى اتقاء من كان يقيه ... وفي استمرار هذا حل نظام شامل، وفساد صلاح شامل.
القسم الثالث: عدل الإنسان مع أكفائه، ويكون بثلاثة أشياء: بترك الاستطالة، ومجانبة الإدلال، وكف الأذى؛ لأن ترك الاستطالة آلف، ومجانبة الإدلال أعطف، وكف الأذى أنصف، وهذه أمور إن لم تخلص في الأكفاء أسرع فيهم تقاطع الأعداء ففسدوا وأفسدوا.
وقد يتعلق بهذه الطبقات أمور خاصة يكون العدل فيها بالتوسط في حالتي التقصير والسرف، لأن العدل مأخوذ من الاعتدال، فما جاوز الاعتدال فهو خروج عن العدل، وإذا كان الأمر كذلك فإن كل ما خرج عن الأولى إلى ما ليس بأولى خروج عن العدل إلى ما ليس بالعدل.
ولست تجد فسادًا إلا وسبب نتيجته الخروج فيه عن حال العدل، إلى ما ليس بعدل من حالتي الزيادة والنقصان، وإذًا لا شيء أنفع من العدل، كما أنه لا شيء أضر مما ليس بعدل» (١).