للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقلت: أين هذا الرجل الذي تدعونه الصابئ؟ قال: فأشار إلي، قال: الصابئ، فمال أهل الوادي علي بكل مدرة (١)

وعظم حتى خررت مغشيًا علي، فارتفعت حين ارتفعت، كأني نُصب أحمر (٢)، فأتيت زمزم فشربت من مائها، وغسلت عني الدم، فدخلت بين الكعبة وأستارها، فلبثت به -ابن أخي- ثلاثين، من بين يوم وليلة، وما لي طعام إلا ماء زمزم، فسمنت حتى تكسرت عُكن (٣) بطني، وما وجدت على كبدي سخفة (٤) جوع.

قال - رضي الله عنه -: فبينا أهل مكة في ليلة قمراء إضحيان (٥) .. فضرب الله على أصمخة (٦) أهل مكة، فما يطوف بالبيت غير امرأتين، فأتتا علي، وهما تدعوان إساف ونائلة (٧)، قال: فقلت:


(١) المدر: هو الطين المتماسك. انظر النهاية (٤/ ٢٦٤).
(٢) النُصبُ: بضم النون هو الصنم، وكانوا في الجاهلية ينصبون الصنم، ويذبحون عنده، فيحمر بالدم، ويقصد - رضي الله عنه -: أن من كثرة الدماء التي سالت منه صار كأنه الصنم الممتلئ بالدماء من كثرة ما يذبح عنده. انظر صحيح مسلم بشرح النووي (١٦/ ٢٤)، النهاية (٥/ ٥٢).
(٣) العُكن: بضم العين، الأطواء في البطن من السمن. انظر لسان العرب (٩/ ٣٤٥).
(٤) قال النووي في شرح مسلم (١٦/ ٢٤): سخفة الجوع: بفتح السين وضمها، وهي رقة الجوع وضعفه وهزاله.
(٥) قال النووي في شرح مسلم (١٦/ ٢٤): الإضحيان: بكسر الهمزة والحاء، أي مضيئة.
(٦) قال النووي في شرح مسلم (١٦/ ٢٥): أصمختهم: جمع صماخ، وهو الخرق الذي في الأذن يفضي إلى الرأس، والمراد بأصمختهم هنا: آذانهم، أي ناموا.
(٧) إساف ونائلة: هما صنمان تزعم العرب أنهما كانا رجلًا وامرأة زنيا في الكعبة فمسخا، وإساف بكسر الهمزة وقد تفتح. انظر النهاية (١/ ٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>