للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنكحوا أحدهما الآخر، فما ثناهما ذلك، فأتتا علي، فقلت: وهن (١) مثل الخشبة، غير أني لم أكن (٢)،

فانطلقتا تولولان، وتقولان: لو كان هاهنا أحد من أنفارنا!

قال: فاستقبلهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر - رضي الله عنه -، وهما هابطان من الجبل، فقال: «مَا لَكُمَا؟» قالتا: الصابئ بين الكعبة وأستارها، قالا: «مَا قَالَ لَكُمَا؟» قالتا: قال لنا كلمة تملأ الفم (٣).

قال - رضي الله عنه -: فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو وصاحبه حتى استلم الحجر، فطاف بالبيت، ثم صلى، قال: فأتيته، فكنت أول من حياه بتحية أهل الإسلام، فقال: «عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، مِمَّنْ أَنْتَ؟» قال: قلت: من غفار، قال: فأهوى بيده، فوضعها على جبهته، قال: فقلت في نفسي: كره أني انتميت إلى غفار، قال: فأردت أن آخذ بيده، فقذفني صاحبه، وكان أعلم به مني، قال: «مَتَى كُنْتَ هَاهُنَا؟» قال: كنت ها هنا منذ ثلاثين من بين ليلة ويوم، قال: «فَمَنْ كَانَ يُطْعِمُكَ؟» قلت: ما كان لي طعام إلا ماء زمزم، قال: فسمنت حتى تكسرت عكن بطني، وما وجدت على كبدي سخفة جوع.


(١) قال النووي في شرح مسلم (١٦/ ٢٥): وهن: بفتح الهاء، هو كناية عن كل شيء، وأكثر ما يستعمل كناية عن الفرج والذكر، ومثل الخشبة بالفرج، وأراد بذلك سب إساف ونائلة، وغيظ الكفار.
(٢) قال السندي في شرح المسند (١٢/ ٤٥٨): لم أكن: من الكناية، أو التكنية، أي صرحت بذلك.
(٣) قال النووي في شرح مسلم ١٦/ ٢٥: أي عظيمة لا شيء أقبح منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>