للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فلما أرادوا الرجعة إلى بلادهم أخبروني بهم، فألقيت الحديد من رجلي، ثم خرجت معهم حتى قدمت الشام، فلما قدمتها، قلت: من أفضل أهل هذا الدين؟ قالوا: الأسقف (١) في الكنيسة، قال: فجئته، فقلت: إني قد رغبت في هذا الدين، وأحببت أن أكون معك أخدمك في كنيستك، وأتعلم منك وأصلي معك، قال: فادخل، فدخلت معه. قال: فكان رجل سوءٍ، يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها، فإذا جمعوا إليه منها أشياء، اكتنزه لنفسه، ولم يعطه المساكين، حتى جمع سبع قلال (٢) من ذهب وورق (٣).

قال: وأبغضته بغضًا شديدًا لما رأيته يصنع، ثم مات، فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه، فقلت لهم: إن هذا كان رجل سوء يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها، فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه ولم يعط المساكين منها شيئًا، قالوا: وما علمك بذلك؟

قال: قلت: أنا أدلكم على كنزه، قالوا: فدلنا عليه، قال: فأريتهم موضعه، قال: فاستخرجوا منه سبع قلال مملوءة ذهبًا وورقًا، قال: فلما رأوها قالوا: والله لا ندفنه أبدًا، فصلبوه، ثم


(١) الأسقف: هو العالم الرئيس من علماء النصارى. انظر لسان العرب (٦/ ٢٩٨).
(٢) القلال: هو إناء للعرب كالجرة الكبيرة، سُميت قلالًا لأنها تُقل أي تُرفع إذا مُلئت وتُحمل. انظر لسان العرب (١١/ ٢٨٨).
(٣) الورق: بكسر الراء، هي الفضة. انظر النهاية (٥/ ١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>