للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجموه بالحجارة.

ثم جاءوا برجل آخر، فجعلوه بمكانه، قال: يقول سلمان: فما رأيت رجلًا لا يصلي الخمس، أُرى أنه أفضل منه، أزهد في الدنيا ولا أرغب في الآخرة، ولا أدأب (١)

ليلًا ونهارًا منه، قال سلمان: فأحببته حبًّا لم أُحبه من قبله، فأقمت معه زمانًا، ثم حضرته الوفاة، فقلت له: يا فلان، إني كنت معك وأحببتك حبًّا لم أحبه من قبلك، وقد حضرك ما ترى من أمر الله، فإلى من توصي بي، وما تأمرني؟

قال: أي بني، والله ما أعلم أحدًا اليوم على ما كنت عليه، لقد هلك الناس وبدلوا وتركوا أكثر ما كانوا عليه، إلا رجلًا بالموصل (٢)، وهو فلان، فهو على ما كنت عليه، فالحق به، قال: فلما مات وغُيب (٣)، لحقت بصاحب الموصل، فقلت له: يا فلان، إن فلانًا أوصاني عند موته أن ألحق بك، وأخبرني أنك على أمره. قال: فقال لي: أقم عندي، فأقمت عنده، فوجدته خير رجل على أمر صاحبه، فلم يلبث أن مات، فلما حضرته الوفاة، قلت له: يا فلان، إن فلانًا أوصى بي إليك، وأمرني باللحوق


(١) الدأب: هو العادة والشأن، وأصله من دبأ في العمل إذا وجد وتعب، إلا أن العرب حولت معناه إلى العادة والشأن. انظر النهاية (٢/ ٩٠).
(٢) الموصل: مدينة في العراق.
(٣) غيّب: أي دفن في قبره. انظر لسان العرب (١٠/ ١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>