للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: أي بني، والله ما أعلمه أصبح على ما كنا عليه أحد من الناس آمرك أن تأتيه، ولكنه قد أظلك (١) زمان نبي هو مبعوث بدين إبراهيم يخرج بأرض العرب، مهاجرًا إلى أرض بين حرتين (٢) بينهما نخل، به علامات لا تخفى: يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة، بين كتفيه خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل.

قال: ثم مات وغيب، فمكثت بعمورية ما شاء الله أن أمكث، ثم مر بي نفر من كَلْبٍ تجارًا، فقلت لهم: تحملوني إلى أرض العرب، وأعطيكم بقراتي هذه وغنيمتي هذه؟

قالوا: نعم، فأعطيتهموها وحملوني، حتى إذا قدموا بي وادي القرى (٣)، ظلموني فباعوني من رجل من يهود عبدًا، فكنت عنده، ورأيت النخل، ورجوت أن تكون البلد الذي وصف لي صاحبي، ولم يحق لي في نفسي، فبينما أنا عنده، قدم عليه ابن عم له من المدينة من بني قريظة فابتاعني (٤)

منه، فاحتملني إلى المدينة، فوالله ما هو إلا أن رأيتها فعرفتها بصفة


(١) أظلك زمان نبي: أي أقبل عليك ودنا منك، كأنه ألقى عليك ظله. انظر النهاية (٣/ ١٤٦).
(٢) الحرة: أرض بظاهر المدينة بها حجارة سود كثيرة. انظر النهاية (١/ ٣٥١).
(٣) وادي القرى: هو واد بين المدينة والشام من أعمال المدينة كثير القرى، وفتحها النبي - صلى الله عليه وسلم - سنة سبع للهجرة عنوة ثم صولحوا على الجزية، وكان يسكنها يهود. انظر معجم البلدان (٨/ ٤٣٣).
(٤) ابتاع الشيء: اشتراه. انظر لسان العرب (١/ ٥٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>