قال الخطابي: إنما كوى سعدًا ليرقأ الدم من جرحه، وخاف عليه أن ينزف فيهلك، والكي مستعمل في هذا الباب، كما يُكوى من تُقطع يده أو رجله.
وأما النهي عن الكي، فهو أن يكتوي طلبًا للشفاء، وكانوا يعتقدون أنه متى لم يكتو هلك، فنهاهم عنه لأجل هذه النية.
وقيل: إنما نهى عنه عمران بن حصين خاصة؛ لأنه كان به ناصور، وكان موضعه خطرًا، فنهاه عن كيه، فيُشبه أن يكون النهي منصرفًا إلى الموضع المخوف منه. والله أعلم.
وقال ابن قتيبة: الكي جنسان: كي الصحيح لئلا يعتل، فهذا الذي قيل فيه: لم يتوكل من اكتوى؛ لأنه يريد أن يدفع القدر عن نفسه. والثاني: كي الجرح إذا نغل، والعضو إذا قطع، ففي هذا الشفاء. وأما إذا كان الكي للتداوي الذي يجوز أن ينجع، ويجوز أن لا ينجع، فإنه إلى الكراهة أقرب. انتهى.
وثبت في الصحيحين في حديث السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب أنهم الذين:«لَا يَسْتَرْقُونَ، ولَا يَكْتَوُونَ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ»(١).
فقد تضمنت أحاديث الكي أربعة أنواع، أحدها: فعله؛ والثاني: عدم محبته له؛ والثالث: الثناء على من تركه؛ والرابع:
(١) صحيح البخاري برقم ٥٧٠٥، ومسلم برقم ٢٢٠ وليس فيه موضع الشاهد: ولا يكتوون.