للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان يأكل الغليظ من الطعام أيضًا ولا يُبالي بشيء من النعيم، ولا يُتبعه نفسه ولا يوده، حتى قال أبو سليمان الداراني: كان عمر بن عبدالعزيز أزهد من أويس القرني؛ لأن عمر ملك الدنيا بحذافيرها وزهد فيها، ولا ندري حال أويس لو ملك ما ملكه عمر كيف يكون؟ ليس من جرب كمن لا يجرب.

ولما بايعه الناس، واستقرت الخلافة باسمه، انقلب وهو مغتم مهموم، فقال له مولاه: ما لك هكذا مغتمًّا مهمومًا، وليس هذا بوقت هذا؟ فقال: ويحك وما لي لا أغتم وليس أحد من أهل المشارق والمغارب من هذه الأمة إلا وهو يطالبني بحقه أن أؤديه إليه، كتب إلي في ذلك أو لم يكتب، طلبه مني أو لم يطلب، ثم إنه خيَّر امرأته فاطمة بين أن تقيم معه على أنه لا فراغ له إليها، وبين أن تلحق بأهلها، فبكت وبكى جواريها لبكائها، فسمعت ضجة في داره، ثم اختارت مقامها معه على كل حال رحمها الله.

ثم أخذ أموال جماعة من بني أمية فردها إلى بيت المال وسماها أموال المظالم، فاستشفعوا إليه بالناس، وتوسلوا إليه بعمته فاطمة بنت مروان، فلم ينجع فيه، ولم يرده عن الحق شيء، وقال لهم: والله لتدعني وإلا ذهبت إلى مكة فنزلت عن هذا الأمر لأحق الناس به.

وقال إسماعيل بن عياش عن عمرو بن مهاجر، قال: لما

<<  <  ج: ص:  >  >>