للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استخلف عمر بن عبدالعزيز قام في الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، إنه لا كتاب بعد القرآن، ولا نبي بعد محمد عليه الصلاة والسلام، وإني لست بقاض، ولكني منفذ، وإني لست بمبتدع، إن الرجل الهارب من الإمام الظالم ليس بظالم، ألا إن الإمام الظالم هو العاصي، ألا لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وفي رواية: وإني لست بخير من أحد منكم، ولكني أثقلكم حملًا، ألا لا طاعة لمخلوق في معصية الله، ألا هل أسمعت؟

وقد اجتهد - رحمه الله - في مدة ولايته - مع قصرها - حتى رد المظالم، وصرف إلى كل ذي حق حقه، وكان مناديه في كل يوم ينادي: أين الغارمون؟ أين الناكحون؟ أين المساكين؟ أين اليتامى؟ حتى أغنى كلًّا من هؤلاء.

قالت زوجته فاطمة: دخلت يومًا عليه وهو جالس في مصلاه واضعًا يده على خده ودموعه تسيل على خديه، فقلت: ما لك؟ فقال: ويحك يا فاطمة، إني قد وليت من أمر هذه الأمة ما وليت، فتفكرت في الفقير الجائع، والمريض الضائع، والعاري المجهود، واليتيم المكسور، والأرملة الوحيدة، والمظلوم المقهور، والغريب، والأسير، والشيخ الكبير، وذي العيال الكثير والمال القليل، وأشباههم في أقطار الأرض وأطراف البلاد، فعلمت أن ربي - عز وجل - سيسألني عنهم يوم القيامة، وأن

<<  <  ج: ص:  >  >>