للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خصمي دونهم محمد - صلى الله عليه وسلم -، فخشيت أن لا تثبت لي حجة عند خصومته، فرحمت نفسي، فبكيت.

وقال مالك بن دينار - رحمه الله -: يقولون: مالك زاهد، أي زهد عندي، إنما الزاهد عمر بن عبدالعزيز، أتته الدنيا فاغرة فاها فتركها، وقالوا: ولم يكن له سوى قميص واحد، فكان إذا غسلوه جلس في المنزل حتى ييبس، وقد وقف مرة على راهب فقال له: ويحك عظني، فقال له: عليك بقول الشاعر:

تَجَرَّدْ مِنَ الدُّنْيَا فَإِنَّكَ إِنَّمَا ... خَرَجْتَ إِلَى الدُّنْيَا وَأَنْتَ مُجَرَّدُ

قالوا: فكان يعجبه ويكرره، وعمل به حق العمل.

قالوا: ودخل على امرأته يومًا فسألها أن تقرضه درهمًا أو فلوسًا يشتري له بها عنبًا، فلم يجد عندها شيئًا، قالت له: أنت أمير المؤمنين وليس في خزانتك ما تشتري به عنبًا؟ فقال: هذا أيسر من معالجة الأغلال والأنكال غداً في نار جهنم.

وكان له سراج يكتب عليه حوائجه، وسراج لبيت المال يكتب عليه مصالح المسلمين، لا يكتب على ضوئه لنفسه حرفًا.

قال مقاتل بن حيان: صليت وراء عمر بن عبدالعزيز فقرأ {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (٢٤)} [الصافات:٢٤]، فجعل يكررها وما يستطيع أن يجاوزها. وقالت امرأته فاطمة: ما رأيت أحدًا أكثر صلاة وصيامًا منه، ولا أحد أشد خوفًا من ربه منه، كان يصلي العشاء ثم يجلس يبكي حتى تغلبه عيناه، ثم ينتبه فلا يزال يبكي

<<  <  ج: ص:  >  >>