قلة المعين، وكثرة الأمراء الظلمة الذين ملوه وكرهوا محاققته لهم، ونقصه أُعطياتهم، وأخذه كثيرًا مما في أيديهم مما أخذوه بغير حق، فما زالوا به حتى سقوه السم، فحصلت له الشهادة والسعادة، وعُد عند أهل العلم من الخلفاء الراشدين، والعلماء العاملين» (١).
قال ابن كثير - رحمه الله -: «وسبب وفاته، قيل سببها السل، وقيل سببها أن مولى له سمه في طعام أو شراب، وأُعطي على ذلك ألف دينار، فحصل له بسبب ذلك مرض، فأُخبر أنه مسموم، فقال: لقد علمت يوم سقيت السم، ثم استدعى مولاه الذي سقاه، فقال له: ويحك، ما حملك على ما صنعت؟ فقال: ألف دينار أعطيتها، فقال: هاتها، فأحضرها فوضعها في بيت المال، ثم قال له: اذهب حيث لا يراك أحد فتهلك».
ثم قيل لعمر: تدارك نفسك، فقال: والله لو أن شفائي أن أمسح شحمة أذني، أو أُوتى بطيب فأشمه ما فعلت، فقيل له: هؤلاء بنوك - وكانوا اثني عشر - ألا توصي لهم بشيء؛ فإنهم فقراء؟ فقال: {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (١٩٦)} [الأعراف:١٩٦]، والله لا أعطيهم حق أحدٍ، وهم بين رجُلين؛ إما صالح، فالله يتولى الصالحين، وإما غير صالح فما كنت لأعينه على فسقه - وفي رواية: فلا أبالي في أي واد هلك،