للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد؟ فقال: نعم، فأمر به، فأوثق رباطًا، ثم قدمه فضرب عنقه صبرًا (١)، ولم يُقتل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - غيره.

وكان قتل السفراء والرسل من أشنع الجرائم، فقد جرت العادة والعرف بعدم قتلهم أو التعرض لهم (٢)، فكانت هذه الحادثة بمثابة إعلان حالة الحرب على المسلمين، فاشتد ذلك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين بلغه الخبر، فعند ذلك ندب (٣) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس لقتال الغساسنة، فتجهز الناس ثم تهيأوا للخروج، فكان قوام الجيش الذي خرج في هذه الغزوة ثلاثة آلاف مقاتل، وهو أكبر جيش إسلامي، لم يجتمع قبل ذلك إلا في غزوة الأحزاب (٤).

وأمَّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على هذا الجيش مولاه زيد بن حارثة - رضي الله عنه -، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «عَلَيْكُمْ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَإنْ أُصِيبَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ، فَإنْ أُصِيبَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ»، فقال جعفر - رضي الله عنه -: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، ما كنت أرغب (٥)


(١) كل من قُتل في غير معركة، ولا حرب، ولا خطأ، فإنه مقتول صبرًا، انظر النهاية (٣/ ٨).
(٢) روى الإمام أحمد في مسنده برقم ١٥٩٨٩، بسند قال فيه محققوه: صحيح بطرقه وشواهده عن نعيم بن مسعود الأشجعي - صلى الله عليه وسلم - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول حين قرأ كتاب مسيلمة الكذاب، قال للرسولين: «فما تقولان أنتما؟» قالا: نقول كما قال، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «واللَّه لولا أن الرسل لا تقتل، لضربت أعناقكما».
(٣) يقال: ندبته فانتدب: أي بعثته ودعوته فأجاب. انظر النهاية (٥/ ٣٤).
(٤) انظر: سيرة ابن هشام (٣/ ٣٢٨)، فتح الباري (٧/ ٥١١).
(٥) هذه رواية ابن حبان في صحيحه برقم ٧٠٠٨. وفي رواية الإمام أحمد في مسنده برقم ٢٢٥٥١: أرهب.

<<  <  ج: ص:  >  >>