للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس أن يسوقوا معهم أموالهم، ونساءهم، وأبناءهم، فسار بهم حتى نزلوا بأوطاس (١).

فقال له دُريد بن الصمة: أين مالك؟ فدُعي إليه فقال له: يا مالك! إنك قد أصبحت رئيس قومك، وإن هذا يوم كائن له ما بعده من الأيام، مالي أسمع رغاء البعير (٢)، ونهاق الحمير، وبكاء الصغير، ويعار الشاء؟ (٣) فقال مالك: سقت مع الناس أموالهم وأبناءهم ونساءهم، قال: ولم ذاك؟ قال مالك: أردت أن أجعل خلف كل رجل منهم أهله وماله ليقاتل عنهم، فقال له دُريد: راعي ضأن والله، وهل يرد المنهزم شيء؟ إنها إن كانت لك لم يتبعك إلا رجل بسيفه ورمحه، وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك، فقال مالك بن عوف: لا والله لا أفعل ذلك، إنك كبرت وكبر عقلك، والله لتطيعنني يا معشر هوازن أو لأتكئن إلى هذا السيف حتى يخرج من ظهري، قالوا: أطعناك، فقال دُريد: هذا يوم لم أشهده ولم يفتني.

ثم أمر مالك بن عوف بالخيل فصُفت، ثم صُفت المقاتلة، ثم صفت النساء من وراء ذلك ثم صُفَّت النعم، ثم قال للناس: إذا رأيتموهم فاكسروا جفون سيوفكم، ثم شدوا عليهم شدة


(١) انظر: سيرة ابن هشام (٤/ ٨٧)، زاد المعاد (٣/ ٤٠٨).
(٢) الرغاء: بضم الراء، صوت الإبل، لسان العرب (٥/ ٢٦١).
(٣) يُعار: بضم الراء، هو صوت المعز، النهاية في غريب الحديث (٥/ ٢٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>