ومنها: أن الله سبحانه افتتح غزو العرب بغزوة بدرٍ، وختم غزوهم بغزاة حنين، ولهذا يقرن بين هاتين الغزاتين بالذكر فيقال:«بدر وحنين»، وإن كان بينهما سبع سنين، والملائكة قاتلت بأنفسها مع المسلمين في هاتين الغزاتين، والنبي - صلى الله عليه وسلم - رمى وجوه المشركين بالحصباء فيهما، وبهاتين الغزاتين طفئت جمرة العرب لغزو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين، فالأولى: خوَّفتهم وكسرت من حدهم، والثانية استفرغت قواهم واستنفدت سهامهم وأذلت جمعهم حتى لم يجدوا بُدًّا من الدخول في دين الله.
ومنها: أن الله سبحانه جبر بها أهل مكة وفرَّحهم بما نالوه من النصر والمغنم، فكانت كالدواء لما نالهم من كسرهم وإن كان عين جبرهم، وعرَّفهم تمام نِعَمه عليهم بما صرف عنهم من شر هوازن، وأنه لم يكن لهم بهم طاقة، وإنما نُصروا عليهم بالمسلمين، ولو أُفردوا عنهم لأكلهم عدوهم. إلى غير ذلك من الحكم التي لا يحيط بها إلا الله.
وفيها من الفقه: أن الإمام ينبغي له أن يبعث العيون ومن يدخل بين عدوه ليأتيه بخبرهم، وأن الإمام إذا سمع بقصد عدوه له وفي جيشه قوة ومنعة لا يقعد ينتظرهم، بل يسير إليهم