للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان بعد أن أهدت له اليهودية الشاة المسمومة لا يأكل طعامًا قُدِّم له حتى يأكل منه من قدَّمه. قالوا: وفي هذا أسوة للملوك في ذلك، فقال قائل: كيف يُجمع بين هذا وبين قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}، فإذا كان الله سبحانه قد ضمن له العصمة، فهو يعلم أنه لا سبيل لبشر عليه، فأجاب بعضهم بأن هذا يدل على ضعف الحديث، وبعضهم بأن هذا قبل نزول الآية، فلما نزلت لم يكن ليفعل ذلك بعدها.

ولو تأمل هؤلاء أن ضمان الله له العصمة لا ينافي تعاطيه لأسبابها لأغناهم عن هذا التكلف، فإن هذا الضمان له من ربه تعالى لا يناقض احتراسه من الناس ولا ينافيه، كما أن إخبار الله - سُبْحَانَهُ - له بأنه يُظهر دينه على الدين كله ويُعليه لا يناقض أمره بالقتال وإعداد العُدة والقوة ورباط الخيل والأخذ بالجد والحذر والاحتراس من عدوه ومحاربته بأنواع الحرب والتورية، فكان إذا أراد الغزوة ورَّى بغيرها؛ وذلك لأن هذا إخبار من الله سبحانه عن عاقبة حاله ومآله بما يتعاطاه من الأسباب التي جعلها مُفضية إلى ذلك مقتضية له، وهو - صلى الله عليه وسلم - أعلم بربه وأتبع لأمره من أن يُعطل الأسباب التي جعلها الله

<<  <  ج: ص:  >  >>