للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقوية الإسلام وشوكته وأهله واستجلاب عدوه إليه؛ وهكذا وقع سواءً، كما قال بعض هؤلاء الذين نفلهم: «لقد أعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنه لأبغض الخلق إلي، فما زال يعطيني حتى إنه لأحب الخلق إلي» (١).

فما ظنك بعطاء قوَّى الإسلام وأهله، وأذل الكفر وحزبه، واستجلب به قلوب رؤوس القبائل والعشائر الذين إذا غضبوا غضب لغضبهم أتباعهم، وإذا رضوا رضوا لرضاهم، فإذا أسلم هؤلاء لم يتخلف عنهم أحد من قومهم؛ فللَّه ما أعظم موقع هذا العطاء وما أجداه وأنفعه للإسلام وأهله.

ومعلوم أن الأنفال لله ولرسوله، يقسمها رسوله حيث أمره لا يتعدى الأمر، فلو وضع الغنائم بأسرها في هؤلاء لمصلحة الإسلام العامة لما خرج عن الحكمة والمصلحة والعدل.

ولما عميت أبصار ذي الخويصرة التميمي وأضرابه عن هذه المصلحة والحكمة قال له قائلهم: «اعدل فإنك لم تعدل»، وقال مُشبهه: «إن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله» (٢)، ولعمر الله إن هؤلاء من أجهل الخلق برسوله ومعرفته بربه وطاعته له، وتمام عدله، وإعطائه لله ومنعه لله.


(١) قاله صفوان بن أمية كما في صحيح مسلم برقم ٢٣١٣، عن سعيد بن المسيب مرسلًا.
(٢) قولهما في الصحيحين، وقد سبق تخريجه ص ٤٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>