للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك، بل تعيَّن عليه، وهل تُجوز الشريعة غير هذا؟! فإنه وإن كان في الحرمان مفسدة، فالمفسدة المتوقعة من فوات تأليف هذا العدو أعظم، ومبنى الشريعة على دفع أعلى المفسدتين باحتمال أدناهما، وتحصيل أكمل المصلحتين بتفويت أدناهما، بل بناء مصالح الدنيا والدين على هذين الأصلين. وبالله التوفيق.

قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فَلَهُ سَلَبُهُ» دليل على أن له سلبه كله غير مخموس، وقد صرح بهذا في قوله لسلمة بن الأكوع لما قتل قتيلًا: «لَهُ سَلَبُهُ أَجْمَع» (١).

وفي المسألة ثلاثة مذاهب، هذا أحدها.

والثاني: أنه يُخمس كالغنيمة، وهذا قول الأوزاعي وأهل الشام، وهو مذهب ابن عباس لدخوله في آية الغنيمة.

والثالث: أن الإمام إن استكثره خمسه وإن استقله لم يخمسه، وهو قول إسحاق وفعله عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، فروى سعيد في سننه (٢) عن ابن سيرين أن البراء ابن مالك بارز مرزبان


(١) أخرجه البخاري في صحيحه برقم ٣٠٥١، ومسلم برقم ١٧٥٤، من حديث سلمة مطولًا.
(٢) قال محققو الزاد: برقم ٢٧٠٨، وأخرجه أيضًا عبدالرزاق برقم ٩٤٦٨، وابن أبي شيبة برقم ٣٣٧٦٠، ٣٣٧٦١، والبيهقي (٦/ ٣١٠، ٣١١)، بأسانيد صحيحة، وهو عند الأخيرين: عن ابن سيرين عن أنس، والبراء بن مالك أخو أنس.

<<  <  ج: ص:  >  >>