للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحصل به توضيح الأمور المطلوب بيانها، وما عدا هذا من آيات الاقتراح أو من سرعة العذاب؛ فليس إلينا، وإنما وظيفتنا التي هي البلاغ المبين قمنا بها وبيَّنَّاها لكم؛ فإن اهتديتم، فهو حظكم وتوفيقكم، وإن ضللتم، فليس لنا من الأمر شيء.

فقال أصحاب القرية لرسلهم: {إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ} أي: لم نر على قدومكم علينا واتصالكم بنا إلا الشر، وهذا من أعجب العجائب؛ أن يجعل من قدم عليهم بأجل نعمة ينعم الله بها على العباد، وأجل كرامة يكرمهم بها، وضرورتهم إليها فوق كل ضرورة، قد قدم بحالة شر زادت على الشر الذي هم عليه واستشأموا بها، ولكن الخذلان وعدم التوفيق يصنع بصاحبه أعظم مما يصنع به عدوه، ثم توعدوهم فقالوا: {لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ} أي: لنقتلنكم رجمًا بالحجارة أشنع القتلات، {وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ}.

فقالت لهم رسلهم: {طَائِرُكُمْ} وهو ما معهم من الشرك والشر المقتضي لوقوع المكروه، والنقمة وارتفاع المحبوب والنعمة {ذُكِّرْتُمْ} أي: بسبب أنا ذكرناكم ما فيه صلاحكم وحظكم قلتم لنا ما قلتم، {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} متجاوزون للحد متجرهمون في قولكم، فلم يزدهم دعاؤهم إلا نفورًا واستكبارًا.

{وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى} حرصًا على نصح قومه

<<  <  ج: ص:  >  >>