{إِنْ كَانَتْ} أي: ما كانت عقوبتهم {إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً} أي: صوتًا واحدًا تكلم به بعض ملائكة الله {فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ} قد تقطعت قلوبهم في أجوافهم وانزعجوا لتلك الصيحة فأصبحوا خامدين، لا حياة بعد ذلك العتو والاستكبار، ومقابلة أشرف الخلق بذلك الكلام القبيح وتجبرهم عليهم» (١).
ومن فوائد الآيات الكريمات:
١ - «جواز تعدد الرسل مع اتحاد المرسل إليه؛ لأن الله أرسل لهذه القرية اثنين ثم عززهما بثالث، وفي هذا تقوية فعلية.
٢ - إن الذين يكذبون الرسل ليس عندهم إلا المكابرة، وليس عندهم حجة عقلية أو نقلية؛ لقولهم:{مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ}، فإن الرسول لو كان ملكًا ولم يكن بشرًا لما أطاقوا التلقي عنه، ولا احتملوا ذلك، فكان من حكمة الله إرسال الرسل من البشر، ولو كانوا كذبة لأهلكهم الله.
٣ - أن الرسل عليهم الصلاة والسلام ليس عليهم هداية الخلق، وإنما عليهم إبلاغ الرسالة لقولهم:{وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}، وفي الحديث: «يَأْتِي النَّبِيُّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ
(١) تفسير الشيخ ابن سعدي - رحمه الله - ص ٩٢٧ - ٩٢٩.