٨ - ومن فوائد قوله تعالى: {اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٢١)} أن من توفر فيه هذان الأمران كانت دعوته واجبة القبول، وهما: ألا يأخذ على دعوته أجرًا سوى ما يرجوه من ربه، وأن يكون من المهتدين، وذلك يشمل هدايته في دعوته وهدايته في نفسه، وفي ضمن هذا التنبيه للداعي إلى الله كما يدعو الناس بقوله أن يدعوهم بعمله.
٩ - ومن فوائد الآية الكريمة أنه يجب على من دعا إلى الله أن يكون على بصيرة وعلى علم؛ لأن هذا هو وصف الرسل عليهم الصلاة والسلام، فهم يدعون إلى الله على هدى منه، قال تعالى:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[يوسف: ١٠٨]، وأما من يدعو على غير هدى فإنه قد يفسد أكثر مما يصلح؛ لأن الذي يدعو على غير علم ربما يجعل الشيء الحرام حلالًا، والحلال حرامًا وهو لا يدري، فيحصل بذلك فساد في الدين والعقيدة، قال ابن القيم - رحمه الله -: «وإذا كانت الدعوة إلى الله أشرف مقامات العبد، وأجلها وأفضلها، فهي لا تحصل إلا بالعلم الذي يدعو به وإليه، بل لابد في
(١) تفسير سورة يس للشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - ص ٦١ - ٧٧.