{وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ} وقال بعضهم: الوصيد أُسكفة الباب، والمراد أن كلبهم الذي كان معهم، وصحبهم حال انفرادهم من قومهم، لزمهم ولم يدخل معهم في الكهف، بل ربض على بابه ووضع يديه على الوصيد، وهذا من جملة أدبه، ومن جملة ما أُكرموا به؛ فإن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلب، ولما كانت التبعية مؤثرة، حتى في كلب هؤلاء صار باقيًا معهم ببقائهم؛ لأن من أحب قومًا سعد بهم، فإذا كان هذا في حق كلب، فما ظنك بمن تبع أهل الخير وهو أهل للإكرام، وقد ذكر كثير من القصاص والمفسرين لهذا الكلب نبأً وخبرًا طويلًا، أكثره متلقى من الإسرائيليات، وكثير منها كذب، ومما لا فائدة فيه، كاختلافهم في اسمه ولونه.
وأما اختلاف العلماء في محلة هذا الكهف، فقال كثيرون: هو بأرض أيلة، وقيل: بأرض نينوي، وقيل: بالبلقاء، وقيل: ببلاد الروم، وهو أشبه. والله أعلم.
ولما ذكر الله تعالى ما هو الأنفع من خبرهم والأهم من أمرهم، ووصف حالهم، حتى كأن السامع راءٍ، والمخبر مشاهد لصفة كهفهم، وكيفيتهم في ذلك الكهف وتقلبهم من جنب إلى جنب، وأن كلبهم باسط ذراعيه بالوصيد، قال:{لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا} أي: لما عليهم من المهابة والجلالة في أمرهم الذي صاروا إليه، ولعل الخطاب ههنا لجنس