أحد من قومه فيما يحسبه، تنكرت له البلاد واستنكره من رآه من أهلها، واستغربوا شكله وصفته ودراهمه، فيقال: إنهم حملوه إلى متوليهم، وخافوا من أمره أن يكون جاسوسًا، أو تكون له صولة يخشون من مضرتها، فيقال: إنه هرب منهم، ويقال: بل أخبرهم خبره ومن معه، وما كان من أمرهم، فانطلقوا معه ليريهم مكانهم، فلما قربوا من الكهف، دخل إلى إخوانه، فأخبرهم حقيقة أمرهم، ومقدار ما رقدوا، فعلموا أن هذا من قدرة الله، فيقال: إنهم استمروا راقدين، ويقال: بل ماتوا بعد ذلك.
وأما أهل البلدة، فيقال: إنهم لم يهتدوا إلى موضعهم من الغار، وعمَّى الله عليهم أمرهم، ويقال: لم يستطيعوا دخوله حِسًّا، ويقال: مهابة لهم.
واختلفوا في أمرهم؛ فقائلون يقولون:{ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا} أي: سدوا عليهم باب الكهف؛ لئلا يخرجوا أو لئلا يصل إليهم ما يؤذيهم، وآخرون، وهم الغالبون على أمرهم قالوا:{لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا} أي معبدًا يكون مباركًا لمجاورته هؤلاء الصالحين، وهذا كان شائعًا فيمن كان قبلنا، فأما في شرعنا فقد ثبت في الصحيحين عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:«لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ»(١).