٣ - «تحريم الغرر: فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الحصاة، وعن بيع الغرر، والأصل في النهي التحريم ما لم يصرفه صارف، وبيع الحصاة له صور، فمن ذلك: أن يقول: ارم هذه الحصاة، فعلى أي شاة من هذا القطيع وقعت فهي لك بكذا، فرمى الحصاة وسقطت على شاة هزيلة جدًّا، فاشتراها بمئة وهي لا تساوي عشرين فخسر، وجاء عقد آخر فقال: بعت عليك الشاة التي تصبها هذه الحصاة إذا رميتها، فرمى الحصاة، وقد اشترى الشاة بخمسين فوقعت على شاة تساوي مئة، فغنم والبائع خسر، عكس الأولى، إذن هذا غرر؛ لأن كل عقد دار بين الغُنم والغُرم فهو مَيْسِر لا يجوز، وعلى هذا قس، وبهذا يتبين أن بيع الحصاة داخل في النهي عن بيع الغرر، ويؤخذ مما تقدم قاعدة: أن كل بيع فيه غرر فهو محرم.
والغرر كل ما فيه جهالة، واحتمال للغنم أو الغرم، لأن ذلك من الميسر، فإن حقيقة الميسر هي أنها معاملة تقع بين متغالبين يكون أحدهما إما غانمًا أو غارمًا، فبيع الغرر من الميسر، والحكمة في النهي عنه ظاهرة جدًّا؛ لأنه إذا كان غانمًا أداه ذلك إلى الجشع، والطمع، والانسياب وراء