واحد، ويكون هذا كما أصاب أصحاب الظلة من أهل مدين، وجمع لهم بين الريح الباردة وعذاب النار، وهو أشد ما يكون من العذاب بالأشياء المختلفة المتضادة.
وظاهر الآية أنهم رأوا عارضًا، والمفهوم منه لغةً السحاب، كما دل عليه حديث الحارث بن حسان البكري، إن جعلناه مفسرًا لهذه القصة، وأصرح منه في ذلك ما رواه مسلم في صحيحه من حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا عصفت الريح قال:«اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا فِيْهَا وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوْذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا فِيْهَا وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ». قالت: وإذا تخيَّلت السماء تغير لونه، وخرج ودخل، وأقبل وأدبر، فإذا أمطرت سُرِّي عنه، فعرفت ذلك عائشة، فسألته، فقال:«لَعَلَّهُ، يَا عَائِشَةُ كَمَا قَالَ قَوْمُ عَادٍ:{فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا}[الأحقاف: ٢٤]»(١).
وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستجمعًا ضاحكًا قط حتى أرى منه لَهَواتِه، إنما كان يتبسم، وقالت: كان إذا رأى غيمًا أو ريحًا عُرف ذلك في وجهه، قالت: يا رسول الله، الناس إذا رأوا الغيم فرحوا؛ رجاء أن يكون فيه