وقد أمر الله موسى - عليه السلام - أن يقول لفرعون قولًا ليِّنًا فلما عاند وكابر قال له موسى: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَافِرْعَوْنُ مَثْبُورًا (١٠٢)} [الإسراء: ١٠٢]، وهذه طريقة جميع الأنبياء وأدلتها كثيرة في الكتاب والسنة. فليعلم الدعاة أن القول اللين، له مواضع لايصلح فيها الشدة، وأن الشدة لها مواضع لايصلح فيها اللين، فمن الحكمة وضع كل شيء في موضعه: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (٢٦٩)} [البقرة: ٢٦٩].
السادسة: لاينجح الداعية في دعوته إلا بأن يكون مخلصًا فيها لايطلب ثوابها إلا من الله تعالى، قال هود:{يَاقَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ}[هود: ٥١].
فمن كان مستقيمًا في نفسه ولايسأل الناس أجرًا على دعوته لهم فإنه واجب الاتباع، ولذلك قال مؤمن آل يس لقومه:{اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ}[يس: ٢١].