السابعة: من قدم خيرًا وأخذ جزاءه فلا لوم عليه، ولكن لاعبرة في هذا، إنما العبرة فيمن يقدم خيرًا عظيمًا فيه النجاة والسعادة التامة ثم لايأخذ عليه جزاء، فإن هذا دليل على أنه مرسل من ربه الذي فطره وصوره وشق سمعه وبصره؛ فهو لايأخذ أجرًا إلا منه. كما يدل أيضًا على كمال نصيحته لمن نصح له وهؤلاء هم رسل الله، ومن اقتدى بهم وسار على طريقهم:{أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ}[الأنعام: ٩٠]. ولهذا قال هود لقومه:{أَفَلَا تَعْقِلُونَ}.
الثامنة: من أهم ما ينبغي للداعي إلى الله أن يدعو الناس إلى أن يستغفروا ربهم ويتوبوا إليه، فالاستغفار لما مضى، أما التوبة فلما يستقبل، فالعبد لايستقيم حاله حتى يستغفر ربه مما بدر منه ولاينسى ماقدمت يداه، وأن يحدث لكل ذنب توبة، قال هود لقومه:{وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ}[هود: ٥٢].
التاسعة: على الداعي أن يدل الناس على كل خير يعلمه لهم سواء في الدنيا أو في الآخرة، وقد بين هود - عليه السلام -لقومه أن الاستغفار والتوبة وسيلة إلى إدرار المطر وحفظ الصحة وزيادة القوة ودفع الأسقام،